فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

وقوله: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} خبر عن اسم الجلالة. والخبر هنا مستعمل في الامتنان، أو هو تعريض ونكاية بأهل الكتاب: الذين أنكروا ذلك. وجيء بالمسند فعلا لإفادة تقوية الخبر، أو للدلالة مع ذلك على الاختصاص: أي الله لا غيره نزل عليك الكتاب إبطالا لقول المشركين: إن القرآن من كلام الشيطان، أو من طرائق الكهانة، أو يعلمه بشر.
والتضعيف في {نَزَّلَ} للتعدية فهو يساوي الهمز في أنزل، وإنما التضعيف يؤذن بقوة الفعل في كيفيته أو كميته، في الفعل المتعدي بغير التضعيف، من أجل أنهم قد أتوا ببعض الأفعال المتعدية، للدلالة على ذلك، كقولهم: فسر وفسر، وفرق وفرق، وكسر وكسر، كما أتوا بأفعال قاصرة بصيغة المضاعفة، دون تعدية للدلالة على قوة الفعل، كما قالوا: مات وموت وصاح وصيح. فإما إذا صار التضعيف للتعدية فلا أوقن بأنه يدل على تقوية الفعل، إلا أن يقال: إن العدول عن التعدية بالهمز، إلى التعدية بالتضعيف، بقصد ما عهد في التضعيف من تقوية معنى الفعل، فيكون قوله: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} أهم من قوله: {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ} على عظم شأن نزول القرآن، وقد بينت ذلك مستوفى في المقدمة الأولى من هذا التفسير، ووقع في الكشاف، هنا وفي مواضع متعددة، أن قال: إن نزل يد على التنجيم وإن أنزل يدل على أن الكتابين أنزلا جملة واحدة وهذا لا علاقة له بمعنى التقوية المدعى للفعل المضاعف، إلا أن يعني أن نزل مستعمل في لازم التكثير، وهو التوزيع ورده أبو حيان بقول تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] نزل عليك القرءان جملة واحدة فجمع بين التضعيف وقوله: {جُمْلَةً وَاحِدَةً}. وأزيد أن التوراة والإنجيل نزلا مفرقين كشأن كل ما ينزل على الرسل في مدة الرسالة، وهو الحق؛ إذ لا يعرف أن كتابا نزل على رسوله دفعة واحدة. والكتاب: القرآن. والباء في قوله: {بِالْحَقِّ} للملابسة، ومعنى ملابسته للحق اشتماله عليه في جميع ما يشتمل عليه من المعاني قال تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105].
ومعنى {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أنه مصدق للكتب السابقة له، وجعل السابق بين يديه: لأنه يجيء قبله. فكأنه يمشي أمامه. اهـ.

.قال أبو حيان:

{نزل عليك الكتاب بالحق} الكتاب هنا: القرآن، باتفاق المفسرين، وتكرر كثيرًا، والمراد القرآن، فصار علمًا. بالغلبة.
وقرأ الجمهور: نزّل، مشددًا و: الكتاب، بالنصب، وقرأ النخعي، والأعمش، وابن أبي عبلة: نزل، مخففًا، و: الكتابُ، بالرفع، وفي هذه القراءة تحتمل الآية وجهين: أحدهما: أن تكون منقطعة.
والثاني: أن تكون متصلة بما قبلها، أي: نزل الكتاب عليك من عنده، وأتى هنا بذكر المنزل عليه، وهو قوله: عليك، ولم يأت بذكر المنزل عليه التوراة، ولا المنزل عليه الإنجيل، تخصيصًا له وتشريفًا بالذكر، وجاء بذكر الخطاب لما في الخطاب من المؤانسة، وأتى بلفظة: على، لما فيها من الاستعلاء.
كأن الكتاب تجلله وتغشاه، صلى الله عليه وسلم.
ومعنى: بالحق: بالعدل، قاله ابن عباس، وفيه وجهان: أحدهما: العدل فيما استحقه عليك من حمل أثقال النبوة.
الثاني: بالعدل فيما اختصك به من شرف النبوة.
وقيل: بالصدق فيما اختلف فيه، قاله محمد بن جرير.
وقيل: بالصدق فيما تضمنه من الأخبار عن القرون الخالية.
وقيل: بالصدق فيما تضمنه من الوعد بالثواب على الطاعة، ومن الوعيد بالعقاب على المعصية.
وقيل: معنى بالحق: بالحجج والبراهين القاطعة.
والباء: تحتمل السببية أي: بسبب إثبات الحق، وتحتمل الحال، أي: محقًا نحو: خرج زيد بسلاحه، أي متسلحًا.
{مصدقا لما بين يديه} أي: من كتب الأنبياء، وتصديقه إياها أنها أخبرت بمجيئه، ووقوع المخبر به يجعل المخبر صادقًا، وهو يدل على صحة القرآن، لأنه لو كان من عند غير الله لم يوافقها، قاله أبو مسلم وقيل: المراد منه أنه لم يبعث نبيًا قط، إلاَّ بالدعاء إلى توحيده، والإيمان، وتنزيهه عما لا يليق به، والأمر بالعدل والإحسان، والشرائع التي هي صلاح أهل كل زمان.
فالقرآن مصدق لتلك الكتب في كل ذلك، والقرآن، وإن كان ناسخًا لشرائع أكثر الكتب، فهي مبشرة بالقرآن وبالرسول، ودالة على أن أحكامها تثبت إلى حين بعثة الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنها تصير منسوخة عند نزول القرآن.
فقد وافقت القرآن، وكان مصدقًا لها، لأن الدلائل الدالة على ثبوت الإلهية لا تختلف.
وانتصاب: مصدقًا، على الحال من الكتاب، وهي حال مؤكدة، وهي لازمة، لأنه لا يمكن أن يكون غير مصدق لما بين يديه، فهو كما قال:
أنا ابن دارة معروفًا به نسبي ** وهل بدارة يا للناس من عار؟

وقيل: انتصاب: مصدقًا، على أنه بدل من موضع: بالحق، وقيل: حال من الضمير المجرور.
و: لما، متعلق بمصدقًا، واللام لتقوية التعدية، إذ: مصدقًا، يتعدى بنفسه، لأن فعله يتعدى بنفسه.
والمعنى هنا بقوله: {لما بين يديه} المتقدم في الزمان.
وأصل هذا أن يقال: لما يتمكن الإنسان من التصرف فيه.
كالشيء الذي يحتوي عليه، ويقال: هو بين يديه إذا كان قدامه غير بعيد. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل}:

.قال الفخر:

قال صاحب الكشاف: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، والاشتغال باشتقاقهما غير مفيد، وقرأ الحسن {والإنجيل} بفتح الهمزة، وهو دليل على العجمية، لأن أفعيل بفتح الهمزة معدوم في أوزان العرب، واعلم أن هذا القول هو الحق الذي لا محيد عنه، ومع ذلك فننقل كلام الأدباء فيه.
أما لفظ {التوراة} ففيه أبحاث ثلاثة:
البحث الأول: في اشتقاقه، قال الفرّاء التوراةَ معناها الضياء والنور، من قول العرب ورى الزند يرى إذا قدح وظهرت النار، قال الله تعالى: {فالموريات قَدْحًا} [العاديات: 2] ويقولون: وريت بك زنادي، ومعناه: ظهر بك الخير لي، فالتوراة سميت بهذا الاسم لظهور الحق بها، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى وهارون الفرقان وَضِيَاء} [الأنبياء: 48].
البحث الثاني: لهم في وزنه ثلاثة أقوال:
القول الأول: قال الفرّاء: أصل التوراة تورية تفعلة بفتح التاء، وسكون الواو، وفتح الراء والياء، إلا أنه صارت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
القول الثاني: قال الفرّاء: ويجوز أن تكون تفعلة على وزن توفية وتوصية، فيكون أصلها تورية، إلا أن الراء نقلت من الكسر إلى الفتح على لغة طيئ، فإنهم يقولون في جارية: جاراة، وفي ناصية: ناصاة، قال الشاعر:
فما الدنيا بباقاة لحي ** وما حي على الدنيا بباق

والقول الثالث: وهو قول الخليل والبصريين: إن أصلها: وورية، فوعلة، ثم قلبت الواو الأولى تاء، وهذا القلب كثير في كلامهم، نحو: تجاه، وتراث، وتخمة، وتكلان، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت توراة وكتبت بالياء على أصل الكلمة، ثم طعنوا في قول الفرّاء، أما الأول: فقالوا: هذا البناء نادر، وأما فوعلة فكثير، نحو: صومعة، وحوصلة، ودوسرة والحمل على الأكثر أولى، وأما الثاني: فلأنه لا يتم إلا بحمل اللفظ على لغة طيئ، والقرآن ما نزل بها ألبتة.
البحث الثالث: في التوراة قراءتان: الإمالة والتفخيم، فمن فخم فلأن الراء حرف يمنع الإمالة لما فيه من التكرير، والله أعلم.
وأما الإنجيل ففيه أقوال الأول: قال الزجاج: أنه افعيل من النجل، وهو الأصل، يقال: لعن الله ناجليه، أي والديه، فسمي ذلك الكتاب بهذا الاسم، لأن الأصل المرجوع إليه في ذلك الدين والثاني: قال قوم: الإنجيل مأخوذ من قول العرب: نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته ويقال للماء الذي يخرج من البئر: نجل، ويقال: قد استنجل الوادي، إذا خرج الماء من النز فسمي الإنجيل إنجيلًا لأنه تعالى أظهر الحق بواسطته والثالث: قال أبو عمرو الشيباني: التناجل التنازع، فسمي ذلك الكتاب بالإنجيل لأن القوم تنازعوا فيه والرابع: أنه من النجل الذي هو سعة العين، ومنه طعنة نجلاء، سمي بذلك لأنه سعة ونور وضياء أخرجه لهم.
وأقول: أمر هؤلاء الأدباء عجيب كأنهم أوجبوا في كل لفظ أن يكون مأخوذًا من شيء آخر، ولو كان كذلك لزم إما التسلسل وإما الدور، ولما كانا باطلين وجب الاعتراف بأنه لابد من ألفاظ موضوعة وضعًا أولا: حتى يجعل سائر الألفاظ مشتقة منها، وإذا كان الأمر كذلك فلم لا يجوز في هذا اللفظ الذي جعلوه مشتقًا من ذلك الآخر أن يكون الأصل هو هذا، والفرع هو ذاك الآخر ومن الذي أخبرهم بأن هذا فرع وذاك أصل، وربما كان هذا الذي يجعلونه فرعًا ومشتقًا في غاية الشهرة، وذاك الذي يجعلونه أصلًا في غاية الخفاء، وأيضا فلو كانت التوراة إنما سميت توراة لظهورها، والإنجيل إنما سمي إنجيلًا لكونه أصلًا وجب في كل ما ظهر أن يسمى بالتوراة فوجب تسمية كل الحوادث بالتوراة، ووجب في كل ما كان أصلًا لشيء آخر أن يسمى بالإنجيل، والطين أصل الكوز، فوجب أن يكون الطين إنجيلًا والذهب أصل الخاتم والغزل أصل الثوب فوجب تسمية هذه الأشياء بالإنجيل، ومعلوم أنه ليس كذلك، ثم أنهم عند إيراد هذه الإلزامات عليهم لابد وأن يتمسكوا بالوضع، ويقولوا: العرب خصصوا هذين اللفظين بهذين الشيئين على سبيل الوضع، وإذا كأن لا يتم المقصود في آخر الأمر إلا بالرجوع إلى وضع اللغة، فلم لا نتمسك به في أول الأمر ونريح أنفسنا من الخوض في هذه الكلمات، وأيضا فالتوراة والإنجيل اسمان أعجميان أحدهما بالعبرية والآخر بالسُّريانية، فكيف يليق بالعاقل أن يشتغل بتطبيقها على أوزان لغة العرب، فظهر أن الأولى بالعاقل أن لا يلتفت إلى هذه المباحث، والله أعلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

والتوراة اسم للكتاب المنزل على موسى عليه السلام. وهو اسم عبراني أصلة طورا بمعنى الهدي، والظاهر أنه اسم للألواح التي فيها الكلمات العشر التي نزلت على موسى عليه السلام في جبل الطور؛ لأنها أصل الشريعة التي جاءت في كتب موسى، فأطلق ذلك الاسم على جميع كتب موسى، واليهود يقولون سفر طورا فلما دخل هذا الاسم إلى العربية أدخلوا عليه لام التعريف التي تدخل على الأوصاف والنكرات لتصير أعلاما بالغلبة: مثل العقبة، ومن أهل اللغة والتفسير من حاولوا توجيها لاشتقاقه اشتقاقا عربيا، فقالوا: أنه مشتق من الوري وهو الوقد، بوزن تفعلة أو فوعلة، وربما أقدمهم على ذلك أمران: أحدهما دخول حرف التعريف عليه، وهو لا يدخل على الأسماء العجمية، وأجيب بأن لا مانع من دخولها على المعرب كما قالوا: الإسكندرية، وهذا جواب غير صحيح؛ لأن الإسكندرية وزن عربي؛ إذ هو نسب إلى إسكندر، فالوجه في الجواب أنه إنما ألزم التعريف لأنه معرب عن اسم بمعنى الوصف اسم علم فلما عربوه ألزموه اللام لذلك.
الثاني أنها كتبت في المصحف بالياء، وهذا لم يذكروه في توجيه كونه عربيا، وسبب كتابته كذلك الإشارة إلى لغة إمالته.
وأما الإنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه.
وهو اسم معرب قيل من الرومية وأصله إثانجيليوم أي الخبر الطيب، فمدلوله مدلول اسم الجنس، ولذلك أدخلوا عليه كلمة التعريف في اللغة الرومية، فلما عربه العرب أدخلوا عليه حرف التعريف، وذكر القرطبي عن الثعلبي أن الإنجيل في السريانية وهي الآرامية أنكليون ولعل الثعلبي اشتبه عليه الرومية بالسريانية، لأن هذه الكلمة ليست سريانية وإنما لما نطق بها نصارى العراق وظنها سريانية، أو لعل في العبارة تحريفا وصوابها اليونانية وهو في اليونانية أووانيليون أي اللفظ الفصيح. وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقا من النجل وهو الماء الذي يخرج من الأرض، وذلك تعسف أيضا. وهمزة الإنجيل مكسورة في الأشهر ليجري على وزن الأسماء العربية؛ لأن إفعيلا موجود بقلة مثل إبزيم. وربما نطق به يفتح الهمزة، وذلك لا نظير له في العربية. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من فوائد الألوسي:

قال رحمه الله:
{نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب} أي القرآن الجامع للأصول والفروع ولما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وفي التعبير عنه باسم الجنس إيذان بتفوقه على بقية الأفراد في الانطواء على كمالات الجنس كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه اسم الكتاب دون ما عداه كما يلوح إليه التصريح باسم التوراة والإنجيل، وفي الإتيان بالظرف وتقديمه على المفعول الصريح واختيار ضمير الخطاب، وإيثار على على إلى ما لا يخفى من تعظيمه صلى الله عليه وسلم والتنويه برفعة شأنه عليه الصلاة والسلام؛ والجملة إما مستأنفة أو خبر آخر للاسم الجليل أو هي الخبر، وما قبل كله اعتراض أو حال، و{الحى القيوم} [آل عمران: 2] صفة أو بدل، وقرأ الأعمش {نَزَّلَ} بالتخفيف، ورفع الكتاب والجملة حينئذٍ منقطعة عما قبلها، وقيل: متعلقة به بتقدير من عنده {بالحق} أي بالصدق في أخباره أو بالعدل كما نص عليه الراغب أو بما يحقق أنه من عند الله تعالى من الحجج القطعية وهو في موضع الحال أي متلبسًا بالحق أو محقًا، وفي (البحر) يحتمل أن يكون الباء للسببية أي بسبب إثبات الحق {مُصَدّقًا} حال من الكتاب إثر حال أو بدل من موضع الحال الأول أو حال من الضمير في المجرور وعلى كل حال فهي حال مؤكدة {لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي الكتب السالفة والظرف مفعول {مصدقًا} واللام لتقوية العمل وكيفية تصديقه لما تقدم تقدمت {وَأَنزَلَ} ذكرهما تعيينًا {لما بين يديه} وتبيينًا لرفعة محله بذلك تأكيد لما قبل وتمهيد لما بعد ولم يذكر المنزل عليه فيهما لأن الكلام في الكتابين لا فيمن نزلا عليه والتعبير بأنزل فيهما للإشارة إلى أنه لم يكن لهما إلا نزول واحد وهذا بخلاف القرآن فإن له نزولين، نزول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من سماء الدنيا جملة واحدة، ونزول من ذلك إليه صلى الله عليه وسلم منجمًا في ثلاث وعشرين سنة على المشهور، ولهذا يقال فيه: نزل وأنزل وهذا أولى مما قيل: إن نزل يقتضي التدريج وأنزل يقتضي الإنزال الدفعي إذ يشكل عليه {لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ القرءان جُمْلَةً واحدة} [الفرقان: 32] حيث قرن نزل بكونه جملة، وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ في الكتاب} [النساء: 140] وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئًا فشيئًا كما في تسلسل، والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة نزل تدل عليه، والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم، وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه، أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام. اهـ.